Hûn Bi Xêr Hatin Malpera Xwe

05‏/06‏/2010

صورة الأسبوع: مدينة الدرباسية

خبر عاجل ( ألسنة اللهب تلتهم السنابل الذهبية في ضواحي الدرباسية في سورية)




أبو محمد


في ظهيرة يوم الأربعاء الواقع في 2/6/2010 م انتشرت أنباء عن احتراق مساحات واسعة من المحاصيل الزراعية ( القمح و الشعير والقطن ) في القرى التابعة لمدينة الدرباسية و بالفعل حينما ذهبنا إلى موقع الحدث أصابنا الذهول إذ أنه لا يمكن الاقتراب من الموقع بسبب الحرارة الشديدة التي كانت تصدر عن الاحتراق بالإضافة إلى حرارة الجو اليوم التي كانت تقارب الأربعين درجة و تحول النهار ليلاً لكثافة الدخان المنبعث عن احتراق ما يقارب خم/5000/ سة آلاف دونم كان مزروعاً بالقمح كمنتج رئيسي بالإضافة إلى تضرر القطن الذي كان في طور النشء من جراء الحرارة الشديدة في كل من قرى البعث و تل البقر و القطينة و متسلطن و لم نعرف السبب الحقيقي وراء هذا الحادث المؤسف الذي أدى بخسارة كبيرة على المواطن ( المزارع و الفلاح ) و اقتصاد الوطني سواء ما قيل بان النار قدم من ناحية الطريق الذي تريد الدولة إيصال محافظة الحسكة به مع تركية وهنا لدينا بعض التساؤلات:

1- ما هي الإجراءات المتخذة من قبل الدولة كتأمين العدد الكافي من سيارات الإطفاء بما يتناسب كمية المزروعات الموجودة في هذه المنطقة وسعة الأراضي على اعتبار أن درهم وقاية خير من قنطار علاج ونحن نعلم بأنه في كل موسم زراعي هناك حالات مماثلة لذلك

2- هل ستقوم الدولة بتعويضهم عن الضرر الذي لحق بالمواطنين و لو قيمة المصاريف الأساسية أسوة بالدول المجاورة و خاصة أختنا العزيزة الجارة تركية التي تعوض عن كامل القيمة لأنه في كل مناسبة يخرج وزير المالية والثروة المعدنية وغيره فيقولون بان المازوت في الدول المجاورة قيمتها كذا و يتناسون بان دولتنا هي دولة منتجة و فيها احتياطي جيد بينما الدول المجاورة كتركية بالتناسب بين مساحتها و عدد سكانها فقيرة بذلك ثم أن الرواتب في الدول المجاورة هي مضاعفة لما هي عليه لدينا

3- هل ستقوم الدولة بإعفاء هؤلاء من ديون المصرف الزراعي وما يترتب عليه من فوائد أم أنها قد

تقوم بتقسيط ذلك عليهم مع الفائدة المركبة

4- ووووووووووو أسئلة كثيرة نتركها للمسئولين لكي يسألوا بعضهم البعض و يبحث عن الإجابة عنها كحزورات غير قابلة للإجابة .

أخوكم أبو محمد

28‏/05‏/2010

درباسية بعيدة عني - آرشفين ميكائيل



آرشفين ميكائيل

بعيدة عني
درباسية بعيدة عني
فبهذا الصبر يرثى لحالي
في هذه الغربة دون جدوى
بلا أم و بلا صديق
أيا درباسية قولي لي
فأنت أيضا مثلي كظيمة و ذي بال
صوت الخروف في المرعى
فبذكرها دوما أئن
أشعر بالبرد فأين دفئك
أحضنيني فأنا بلا مأوى
سنين طوال وأنت تبكين
ذكية وسيمة و لأجلك شغوف
معذرة منكم يا أيها الأصدقاء
فأنا لم و لن أنسى وطني
دجلة جقجق خابور و بضفادع
لن أعطيها بإيفل و أمستردام
تحيات حارة أبعثها إليكم
فالزمن مضى و الدهر ظالم
من أمي و أخي و أختي
ألأصدقاء والرفاق أنا مخجل
طموحي هو أن أعود
وفي ديار الآباء أجوب
أنظر إلى الحلم و الخيال
ومن فرحة قلبي أطير
أي عار أن أموت هنا
غير مصدق أنني لاجئ
بآه و تأفف سنين تمضي
لم يبقى يقين أني سأعود
يا درباسية إني أشم رائحتك
و بالعشق و الحب أسميتك
في الأزقة أشتاق إليك
فالقلب ليس بعيد و أحبك
آرشفين ميكائيل

13‏/05‏/2010

إفتتاح موقع الفنان التشكيلي آرشفين





http://www.youtube.com/watch?v=Lqr8cdAhI5I&feature=related

إفتتاح موقع الفنان التشكيلي آرشفين

www.arsevin.com
الموقع الشخصي للفنان التشكيلي آرشفين ميكائيل
يقدم الموقع نبذة عن سيرته الذاتية ، كما ان الموقع يعرض اهم اعماله
ومسيرته الفنية ويحتوي أيضاً على صور شخصية للفنان مع مجموعة من لوحاته وباكورة أعماله من معارض ومقابلات الخ ....


فلسفة الفن التشكيلي

إن التأمل في لوحات الفنان آرشفين،يجعل المرء يسافر إلى الأفق البعيد،إلى فضاءات الخيال
تجعلك تفكر ملياَ بهذا الفن الرائع .
أي سر تحمله هذه الريشة،تلك الأداة الصغيرة،ما الذي وراءها،من أين تستمد قوتها.
ما مدى هذا التناغم والإنسجام بين الريشة وسحر الأنامل،وبين ذبذبات القلب التي تنبؤا بحدوث بركان مفاجئ في ينبوع الإلهام ،لتعطي بعدها إشارات إلى شرايين القلب ليسيل عبرها إلى تلك الأنامل ومنها إلى الريشة ليشكلوا معاً فسيفساءً من الألوان من هبة الطبيعة ،ترسم لوحات تعبر عن نفسها .
على سبيل المثال:
آمال امرأة تعشق الحرية وتريد التحرر من جبروت العبودية
صرخة الإنسان تحت وطأة التعذيب،كصرخة طفل تائه في شوارع حلبجة يبحث عن أمه التي باتت جسداً بلا روح.
سر جمال الأنوثة في سيمفونية العشق الأزلي تُعزف على آلة الناي.
معاناة الشعوب المضطهدة وصمودهم في وجه الظلم و الدكتاتورية .
صراع بين الظلم والعدالة وبين الخير والشر....الخ .
مواضيعٌ استُلهمت من هذا الواقع الذي نعيش فيه نحن البشر
على شكل مسرحية والتي بدورها ترجع إلى تلك الملحمة التي تسمى الحياة .
وكأن هذا الفن له جذور مرتبط بأساطير الأزمنة الغابرة وأزل الدهر

زوريار تعلو
13-05-2010

02‏/03‏/2010

سينما الزهراء في الدرباسية

لقمان ديركي


سينما فؤاد

سينما الزهراء


بعضهم يقول إن اسمها سينما فؤاد, و البعض الآخر يؤكد أن اسمها سينما الزهراء , حتى صاحب السينما نفسه سليم سبتي قال لي إن اسمها سينما فؤاد، لكن ابنه بدوان قال: سينما الزهراء. و ندما تستمع جيداً ستتأكد أنها كانت سينما فؤاد في الخمسينات وسينما الزهراء في السبعينات نظراً لكون الجيل القديم يصر على اسم فؤاد بمن فيهم صاحب السينما بينما يصر الجيل الجديد على اسم الزهراء بمن فيهم ابن صاحب السينما.


ولكن هناك معلومة أخرى تفيد بأن سينما فؤاد هو اسم السينما الشتوية بينما سينما الزهراء هي السينما الصيفية بينما يقول آخرون إن السينما التي أنشأها جليل قره زيوان قرب صوامع الحبوب "الميرا" هي سينما فؤاد وإأن السينما التي أسسها شكري مرجة قرب البلدية هي سينما الزهراء، و قد شارك فيها سليم سبتي و نقلها إلى فناء منزله في السبعينات لتصبح السينما الصيفية الوحيدة هناك .. في الدرباسية، تلك البلدة الشمالية التي لا يفصلها عن تركيا سوى حديد القطار .


في البداية شارك سليم سبتي عائلة لوله، وهم أصحاب سينما فؤاد في القامشلي و من ثم استقل بنفسه واستعار من بلدة عامودة القريبة رجل التشغيل" قيا" كي يشغل الأفلام بعد أن احترقت سينما عامودة في عرض سينمائي للأطفال مات معظمهم اختناقاً و احتراقاً، وتحركت السينما في الدرباسية بين عامي 1954 و1958 أي إنها توقفت عام 1958مع بزوغ شمس الوحدة , وظلت السينما مهجورة لتعود بقوة عام 1970وتستمر حتى عام 1978مفسحة المجال لجهاز التلفزيون الذي أصبح متوفراً في بعض البيوت، وأضحى الذهاب إلى السينما غير ضروري بالنسبة إلى معظم عائلات الدرباسية .


كنت في الرابعة من عمري عندما دخلت السينما للمرة الأولى، وشاهدت فيلماً حربياً عن بطولات الشعب الجزائري قالوا لي فيما بعد انه فيلم " جميلة بوحيرد", و تأكدت من ذلك عندما سميت المدرسة الابتدائية في الدرباسية على اسم البطلة بعد عرض الفيلم مباشرة ليبدأ فصل من عصر السينما في ذلك المكان البعيد والبهيج و الموحش .


كانت سينما الزهراء الصيفية كما يسميها أبناء جيلي مكونة من جدار كبير دهن باللون الأبيض ليكون الشاشة الأولى التي أدمنّا التسمر أمامها , و من مدرج إسمنتي مقسم إلى قسمين: رعاع و عائلات , وكنا نفضل الجلوس في قسم الرعاع بعيداً عن أهالينا الجالسين في قسم العائلات أو" اللوج" كما تسميه مصطلحات سليم السينمائية , و كان هناك منزلان خلف المدرج مباشرة، أحد هما لصاحب السينما نفسه و يتم استخدام سطحه في أوقات الزحام الشديد لكي تجلس العائلات عليه و تشاهد الفيلم. أما السطح الآخر، فكان صاحبه يؤجره للرعاع كي يشاهدوا الفيلم من عليه بربع التسعيرة النظامية.


و بعد أن تعلم يوسف برجس تفاصيل تشغيل الفيلم السينمائي من" قيا" أصبح الآمر الناهي في تلك الغرفة الصغيرة، فهو صاحب القرار النهائي في توقيت عرض الفيلم و إطفاء الأنوار حتى لو كان هناك بعض الرعاع المتأخرين أمام الباب, و كان هذا الأمر يسبب بعض المشاكل الصغيرة لصاحب السينما الجالس على الصندوق أمام باب السينما , فقد كانت النقود التي تدفع في لحظات إطفاء الأنوار إما تركية أو قطع معدنية بحجم الربع ليرة لا قيمة لها أبداً .


و على الرغم من أنّ يوسف هو الآمر الناهي، فان حمادة كان نجم السينما في ذلك المكان و معبود النساء و المراهقين , و حمادة هو المسؤول عن تعليق الصور و الإعلانات , وهو الذي يقف أمام الباب لإدخال الجمهور، و هو الذي يظهر في الحملات الإعلانية للأفلام .


يذهب حمادة إلى القامشلي لجلب الفيلم المتفق عليه،


وهناك يشاهد الفيلم و يتأخر يومين قبل القدوم إلى الدرباسية ومعه الفيلم الجديد , و سبب تأخره هو أنه بعد مشاهدة الفيلم يذهب إلى الحلاق و يصنع لنفسه تسريحة مطابقة تماماً لتسريحة البطل , و يشذب شاربيه كشاربي البطل , فإذا كان البطل دون شوارب يحلق شواربه أيضاً , ثم يذهب إلى الخياط و يفصل لنفسه طقماً كطقم البطل تماماً و يشتري من الباله قميصاً مطابقاً لقميص البطل , و اذا اضطره الأم إلى لشراء خواتم أو سلاسل شبه ذهبية، فانه يفعل ذلك، ويعود الينا نسخة مطابقة مائة بالمائة لشامي كابور أو دارا مندارا أو بروس لي أو فريد شوقي أو جوليانوجيما...الخ من قائمة نجوم تلك الأيام , و فور عودته إلى الدرباسية يجهز نفسه و يظهر في حملته الإعلانية الأولى التي تستهدف شوارع الدرباسية عصراً.


عادة في عصر كل يوم تجلس نساء الدرباسية أمام أبواب بيوتهن على كراسي القش الصغيرة لشرب الشاي و تبادل آخر الأخبار المحلية , أي الدسائس و النمائم . و في غمرة انهماك النسوة بتحليل آخر دسيسة يظهر حمادة، فتتوقف قلوب النساء عن الخفقان، وترتجف كؤوس الشاي في أيدي الفتيات المراهقات .


يمشي حمادة بثياب البطل الجديد و تسريحته وحذائه وهو يفتعل حركات معينة و يثبت لثانيتين مشكلاً " بوزاً " ذا وقع خرافي على قلوب العذارى , ويمشي خلفه ثلاثة أشخاص: عبودة حارس مرمى الدرباسية الذي يحمل طبلاً وينادي، وسراج و نصرت اللذان يحملان لافتة كبيرة عليها بوستر الفيلم و صور منه , فإذا كانت الفتيات الجالسات أمام أبواب بيوتهن جميلات، فإن حمادة كان يبطئ من حركته بشكل رهيب و هو يتلفت بخيلاء الطاووس يميناً و شمالاً , مما يضطر من وراءه إلى إبطاء حركتهم أيضاً و كذلك النداء فينادي عبودة على البطيء :" سينما... ال..ز.. ه.. راء.. تقدم.. أح..سن.. فيلم .. ف..ي ال..عالم.. الزهرة... و الح..جر..لا تدعوا.. الفر...صة....تفو....تكم...." .


أما اذا كانت الفتيات من النوع العادي، فان سرعة حمادة كانت تصبح عادية، وكان النداء خلفه يصبح عادياً أيضاً.


وفي حال وجود فتيات بشعات، فإن حمادة كان يتخلى عن وقاره و يركض مسرعاًُ كأنه عدّاء، و يختفي في أول شارع يميناً أو يساراً و خلفه رجال إعلامه الثلاثة و صوت عبودة اللاهث وهو يصرخ :" سينما الزهراء تقدم أحسن فيلم في العالم الزهرة و الحجر لا تدعوا الفرصة تفوتكم".


و من تقاليد الحملة الإعلانية أن يتوقف حاملاً البوستر لإتاحة الفرصة للنسوة كي يتفرجن على الصور بينما يقف حمادة بعيداً عنهما منتظراً انتهاء النسوة من فرجتهن و تعليقاتهن على الصور , وإذا حدث و كانت هناك صور خليعة، فان وجهي حاملي اللافتة يمتلآن ببصاق النسوة الغاضبات مع عبارات من قبيل " انقلعا من هنا ... قلة أدب.... حيوانات ...أولاد قحبة.. الخ" . و كان ممنوعاً على حاملي اللافتة إبداء أي ردة فعل و الاكتفاء بالانصياع الكامل لحالات الجماهير في أوقات الدوام الرسمي ... لأن الشغل شغل , و هكذا كان حاملا اللافتة يعودان في الصباح في جولة رد اعتبار شخصية خارج أوقات الدوام الإعلاني وهما يشتمان كل من بصق عليهما و شتمتهما في عصر اليوم الفائت " الخ".


وكان آباء و أزواج تلك النسوة و الفتيات يتقبلون هذه المعارك لأن البادئ أظلم و هم قوم عادلون .


و قبل الغروب بنصف ساعة يبدأ الغليان لأن الفيلم يبدأ بعد الغروب مباشرة, فالسينما بلا سقف , و يبدأ الجمهور بالدخول إلى السينما , العائلات على الدرجات الثلاث الأخيرة و باقي الصالة للرعاع . و ما إن تمتلئ الدرجات الثلاث حتى يبدأ سليمو باستخدام سطح منزله للعائلات الطارئة التي لم تحجز مسبقاً . كنا ندخل بنصف ليرة ،كما كان يمكن أن ندخل بأنواع أخرى من العملات مثل البيض و الدجاج و الديكة الرومية و البط و البطيخ و الخراف حتى , فهذا يدخل إلى السينما بخمس بيضات بلدية سرقها من تحت احدى الدجاجات الرومانسيات , و ذاك و قد حمل بطيختين مسروقتين من بساتين القابلة غير القانونية عالية , و آخر يد خل بقطعة قماش جوخ إنكليزي أصلي هو وأربعة من أصدقائه بعد أن استغنى عن تفصيل طقم جديد للعيد , و مختار قرية " كربتلي" يدخل ثلاثين فقيراً إلى السينما بخاروف العيد الذي كان سيذبحه و يوزعه عليهم أنفسهم، ولكنهم أقنعوه بأن إدخالهم إلى السينما هو زكاة أيضاً على الرغم من أن الصوفي " غريبو " لم يفتِ في هذا الأمر إطلاقاً, و لكنه عاد و حلل ذلك بعد أن حضر احدى الأفلام الأمريكية التي يظهر فيها بابا نويل ذو اللحية البيضاء التي تشبه لحيته. و كم كان مزهواً بنفسه عندما صرخ الجمهور بصوت واحد: " صوفي غريبو " و هم يشيرون إلى بابا نويل الأمريكي , لذلك كان طبيعياً أن تختلط أصوات الدجاج و الديكة و الخواريف و هي تتراكض أمام الجمهور في فناء السينما الواسع وسط محاولات حمادة اليائسة في اعادتها إلى الركن المخصص لها ألا وهو حظيرة السينما.


و ما إن يبدأ الفيلم حتى تتعالى الصرخات بعد أن يكون حمادة قد ألقى كلمته الشهيرة قبل كل عرض " الرجاء عدم اطلاق النار على الشاشة لأن الأشرار لن يموتوا حتى لو أطلقنا المدافع عليهم". ونفهم من كلمته أن اطلاق النار مسموح على أهداف أخرى غير الشاشة، وبالطبع فإن الجمهور لا يرتدع بل ولا يفهم ما قاله حمادة لأنهم سرعان ما يشهرون بنادقهم ومسدساتهم عند كل ظهور لعدو البطل, وقد أصيب توفيق الدقن لوحده بأكثر من ألفي طلقة عن مجمل أفلامه . أما عادل أدهم، فقد أصيب بحوالي الألف وخمسمائة طلقة، و كذلك الأمر بالنسبة لأعداء بروس لي و شامي كابور ودارا مندارا وجوليانو جيما , ومن الغريب أن بروس لي أصيب عدة مرات بعد أن خربطوا بينه وبين عدوه الشرير " كون الصينيين يشبه بعضهم بعضاً إلى درجة رهيبة" كما صرح واحد ممن أطلقوا عليه النار بعد أن سمع أحدهم يصرخ فيه منبهاً:" هذا بروس لي يا حمار", وحدث ان اصيبت ناديا لطفي في فيلم " أبي فوق الشجرة" بطلقٍ ناري من مسدس أحد المهوسين بمرفت أمين, كما أصيب عبد السلام النابلسي خطأً بعد أن ظنه أحدهم شريراً و عدواً لعبد الحليم حافظ , و كان طبيعياً أن تكون هناك ورشة عمل صباحاً لترميم الشاشة و اعادة طلائها من جديد .


ولايعدم قليلو النقود الحيلة، فهم يحجزون أماكنهم بعشرة قروش فقط على سطح أوسمانو المطل على الشاشة , و عادة ما يمتلئ هذا السطح قبل أن يدخل أول شخص إلى الصالة بشكل رسمي , وبعد بداية الفيلم يمكن لأي عابر أن يلمح أربعة طوابير واقفة بانتظام, وبعد مرور ربع ساعة من بداية الفيلم يدخل الطابور الأول، وهم الذين دفعوا خمساً وثلاثين قرشاً فقط,، وبعد مرور نصف ساعة يدخل الذين دفعوا ربع ليرة فقط, وعند انتصاف الفيلم، يدخل الذين دفعوا خمسة عشر قرشاً فقط, و قبل نهاية الفيلم بربع ساعة يدخل الطابور الأخير ومعظمهم من الأطفال الأبرياء وقد دفعوا خمسة قروش فقط لا غير , و في اليوم التالي يعود من شاهد النصف الأول من الفيلم لمشاهدة النصف الثاني ومن شاهد ربعه الأخير لمشاهدة ربعه الأول, وهكذا فان هناك أشخاصاً يجب أن يخرجوا من السينما في أوقات محددة حسب النقود التي دفعوها, وكان حمادة يحفظ وجوههم غيباً و يبحث عنهم أثناء عرض الفيلم بواسطة بيل يدوي يوجهه إلى وجوه المشاهدين المتذمرين حتى يقبض على الجاني و يرميه خارجاً بدون رحمة,و عادة ما كان الجمهور النظامي يدل على الخارجين على القانون كي يتفرجوا على الفيلم بدون ازعاجات , وحدث مرة أن أمتلأ سطح أوسمانو بالجماهير بينما بقيت السينما خالية تماماً، فقرر يوسف أن لا يعرض الفيلم خاصة وأن صندوق السينما لم يدخله قرش واحد، ولكن سليمو رفض ذلك، وأمر بتشغيل الفيلم لأن الجمهور جمهور حتى لو دفع نقوده للجيران، وكان هذا أول تأسيس لأول تقليد يقضي بعرض الفيلم في وقته المحدد حتى ولو لم يكن هناك جمهور.


ومع ذلك فقد تم اختراق هذا التقليد عدة مرات , فكان عرض الفيلم يتأخر في المرات التي يحجز فيها العرض كاملاً لإحدى القرى, فقد كان مختار القرية يأتي ويقف أمام باب السينما ويدخل رعاياه بعد التأكد من وجوههم واحداً واحداً , وكنا نحاول الدخول ونحن نرتدي الجلابيات كي نشبه أهالي القرية، ولكن هيهات , فالمختار اللعين كان يكشف أشكالنا و يميزها عن رعاياه ويطردنا بعد أن يناولنا ماتيسر من صفعات وركلات وبصقات , وكان المختار لايسمح بعرض الفيلم حتى يكتمل نصاب رعاياه الذين يتأخر بعضهم بسبب قدومهم سيراً على الأقدام , أما الذين يأتون بالشاحنات، فهم يصلون في موعدهم، و يصل بعدهم القادمون في العربات التي تجرّها البغال أو الحمير و كذلك الذين يمتطون الحمير شخصياً ، و يصبح شارع السينما مرآباً لسيارات البيك آب و العربات و البغال و الحمير، ويكون أمر حراستها مناطاً بعمال السينما الذين يعيشون على أعصابهم حتى نهاية الفيلم خوفاً من هرب حمار ما أو سرقته ، أما المختار، فيخرج دفتره، و يبدأ بتفقد رعاياه الجالسين على المدرجات فيذيع الاسم، ويرد عليه صاحب الاسم فخوراً وهو يرفع يده "حاضر" ..ثم يبدأ الفيلم القروي.


ومع كل فيلم تبدأ رحلة حمادة في النجومية، فهو شبيه البطل ، أي أنه بطلنا المتوفر ، فإذا كان الفيلم عاطفياً، فهو نجم الفتيات و مثل المراهقين الاعلى في الملابس و التسريحة ،و إذا كان فيلماً من أفلام الكاراتيه، فهو بطلنا نحن الرعاع . كانت رسائل الإعجاب تصله من تحت باب بيته و هي معطرة و عليها ختم بأحمر الشفاه و توقيع واحد موحد هو ( المتيمة المجهولة و العاشقة الخفية ) ، بينما كنا نعبر عن إعجابنا به بالركض خلفه و نحن نصرخ ( حمادة حمادة )، فينفش ريشه، ويمشي متبختراً إلى أن يضجر منا، فيضطر إلى تجريب عدة حركات من الكاراتيه في أجسادنا الصغيرة، فنتفرق حزانى مما فعله بنا بطلنا المحبوب الذي كنا نشجعه مع كل قبلة لعبد الحليم حافظ على شفاه ميرفت امين و نحن نصرخ ( طيبة حمادة ) كأنه هو الذي يقبّلها، و كنا نعد القبل في فيلم" ابي فوق الشجرة" بصوت واحد عالٍ جداً : واحد .. اثنان .. خمسة و عشرين .. تسعة و تسعين .. حتى ضاقت العائلات ذرعاً بنا، فاضطر يوسف إلى قص اكثر من خمسين قبلة تجنباً للفوضى، ولكن الجمهور اكتشف الخديعة، وطالب الرعاع منهم بثمن تذاكرهم مهددين بتكسير السينما و تخريبها، فرضخ يوسف لضغط الجمهور، وأعاد القبل المقصوصة في اليوم التالي وسط صوت الجمهور الهادر .. مائة و عشرة ..مائة و خمسة عشر .. إلخ من قبل ابي فوق الشجرة .


مضى زمن طويل قبل ان اعود إلى سينما الدرباسية لأجدها مهجورة ، يوسف الآمر الناهي يبحث عن عمل جديد دون جدوى ، و حمادة نجم النجوم يعمل عتالاً في ( الميرا ) ، بعد أن انقطعت الرسائل عنه و اضحى مروره في أي شارع عادياً و غير لافت لأي انتباه . مضى الزمن و لم يبقَ من السينما سوى شاشتها البيضاء المحتفظة بثقوب أحدثتها الرصاصات التي أطلقت على محمود المليجي في آخر عرض قدمته سينما الزهراء قبل ان تغلق ابوابها نهائياً و تصدم عشاقها بما يشبه الصدمة العاطفية ، و خاصة المزارع " بشارو " الذي كان يشتري لكل فيلم دفتراً كاملاً من البطاقات ليوزعها على المفلسين من محبي السينما ، و كان بشارو ينزعج عندما يتلقى بطل الفيلم أية ضربة أو لكمة من أعدائه و يخرج من السينما حرداناً و هو يقول : لقد أفسدتم الفيلم ، فيلحق به حمادة مؤكداً أن البطل سينتصر في النهاية، لكن دون جدوى.


أما بائع الشعيبيّّات تلك الحلوى اللذيذة " نهيتّو "، فكان مصدوماً هو الآخر ، كان عاشقاً متيّماً بـ " شامي كابور "، و كنّا نتملقه، و نقول له : " ياوو نهيتّو .. صوتك أجمل من صوت شامي كابور و أنت أكثر وسامةً منه أصلاً " ، فيوزّع الحلوى علينا مجاناً بحركة سينمائية شاميكابورية خالصة .


مضى زمن طويل قبل ان اقف أمام الشاشة العظيمة المنهكة وانا أسترجع خروجنا و نحن نبكي بعد الفيلم العاطفي ، أو و نحن نتعارك بعد فيلم الكاراتيه .


مضى زمن طويل قبل ان نعرف أن عشرات الأشخاص من القرى التركية بترت اقدامهم و هم يجتازون حقول الالغام الحدودية من اجل حضور فيلم لشامي كابور ، مضى زمن طويل قبل أن ادير ظهري لشاشة البهجة التي مازالت ارواح الأبطال الأشرار تئن داخلها بسبب آلاف الطلقات التي اخترقت اجسادها ، مضى زمن طويل و مازال أهالي الدرباسية مختلفين هل كان إسمها سينما فؤاد ام سينما الزهراء.

27‏/02‏/2010

فنان من الدرباسية:الفنان رمضان نجم أومري






لقاء مع الفنان رمضان نجم اومري‎

حاوره : ماهين شيخاني



من أجمل الأصوات المميزة على الساحة الغنائية ،ذو نبرة جبلية صلدة كصخور جبال كردستان،ثم تراه كبلبل صداح يغرد بعذوبة لا يضاهيه سوى عذوبة انهار كردستان، وهبه الله
حنجرة ذهبية ليبدع بها تلك الأغنية الفلكلورية الرائعة ( أسمر ) و التي غنتها العديد من المطربين
من أمثال الراحلين محمد عارف جزراوي و رفعت داري وغيرهم ،انه بحق أعطى لأسمر نكهة خاصة ، وهو الذي شجى أغنية آذار رائعة الشاعر الكبير تيريز الذائعة الصيت ،وهنا أريد أن اذكر القراء بأنني رغبت إجراء هذا الحوار – حوار الذكريات – لأقدم ولو جزءاً يسيرا لهذا الفنان الهادئ واليكم هذا الحوار:





أبو نيروز المحترم لنعوم سويا في بحر الذكريات ونبدأ معا الرحلة من لبنان مباشرة، حيث الحفلة الأولى التي قمت بها ،كيف كانت ، و من هم الفنانين الذين شاركوا معك؟



أخي العزيز ، الحفلة كانت في عام 1971. حيث تعاقد الأخ الفنان محمود عزيز مع متعهد الحفلات الأخ كمال جمباز وبمشاركة الأخ الفنان الراحل محمد شيخو و الأخت بروين من (عامودا ) تحت اسم فرقة سركوتن – النصر – نعم ولادة الفرقة ، حيث تدربنا على البروفات مدة أربعة شهور ، لنقدم حفلة واحدة على مسرح سينما ريفولي .كان الحضور متميزا ، حيث حضرها صائب سلام (رئيس الجمهورية في ذاك الوقت ) ، سليمان فرنجية ، كمال جنبلاط، سعيد عقل ولمدة ساعة كاملة حيث البث التلفزيوني مباشر، حفلة رائعة ، ناجحة جدا حفرت لحظاتها في قلوبنا لحد هذا الوقت .

مدة أربعة شهور ليست قليلة ، فهل حصل بينكم – اقصد فرقة سركوتن – أي خلاف أو ما شابه ؟.



بتاتا ، لم يكن هناك أي خلاف بل كنا اكثر من اخوة ، و لاسرد لك حكاية قد تفيدنا لهذا السؤال . أنا والمرحوم محمد شيخو كنا ننام في غرفة وعلى سرير واحد وببطانية واحدة وكما تعلم كان المرحوم طويل القامة وبما إننا ننام باتجاهين متعاكسين فلدى سحب البطانية ( الغطاء ) من قبل أحد نا ينكشف الآخر. وكنا نملك مفتاحا واحدا للباب نضعها في علو كان سهلا بالنسبة للمرحوم أما أنا فكنت احتاج لكرسي آخذه من جارتنا – صاحبة الدار – لأجلب المفتاح لقد كان المرحوم طيب القلب جداً .

رحمه الله ، بعد الحفلة ماذا كان مصير فرقة سركوتن ؟ هل استمرت أم توقفت ؟.

للأسف لم تدم الفرقة طويلا ، لأننا عدنا إلى بيوتنا .

في تلك الفترة هل كان هناك فرق غيركم ؟

كانت هناك فرقة الفنان سعيد يوسف والتي ضمت الفنانة المعروفة شيرين والفنان الراحل رفعت داري إلا إننا لم نجتمع في أي عمل مشترك .

في عام 1973توجهت إلى إذاعة بغداد قسم البرامج الكردية . هل لك أن تحدثنا عن تلك الفترة وما هي الأغاني التي سجلتها في الإذاعة؟.

صحيح ، في عام 1973 توجهت إلى الإذاعة ( إذاعة بغداد )قسم البرامج الكردية وبقيت شهرين وعشرون يوما ، كنت احضر عملي مع فرقة الإذاعة أنام في منزل الفنان المعروف عيسى برواري. أما الأغاني الذي سجلتها فهي ( خوش بيشكه تي – سوركل زي باغي – آلا ره نكين بوته 000وبعض المقاطع الموسيقية 000كفوكم 000وغيرها.وهناك أتاح لي الفرصة على التعرف على فنانين أمثال : بشار زاخولي –كلبهار –محمد عارف جزراوي – كمال عقراوي – نسرين شيرواني ، وفي مدينة الموصل شاركت الفنانين محمد عارف و وعيسى برواري كضيف شرف.
وفي عام 1974أي بعد سنة تقريبا من بقائي في الدرباسية حزمت حقائبي وتوجهت الى المملكة الاردنية و قابلت الأستاذ ( روحي شاهين ) مدير قسم الموسيقا وسجلت في الإذاعة ستة مقاطع موسيقية هي ( نيركز –كري سيرا بسيرا- كفوكم لي لي – شف جو 000الخ. أتذكر بأنني قبضت حينها أربع مائة وستون دينارًا لقاء هذا العمل.
و في عام 1993 أقمت حفلا فنيا على مسرح قصر فرساي ( الحمراء ) مع الاخوة عبد الرحمن دريعي عازف الناي و الفنان الشاب زهير علي وكان ذلك بمناسبة عيد نوروز، حيث كان الحضور من الشخصيات المعروفة في المجتمع اللبناني ( العربي، الكردي ).
أما الفترة الأخيرة فقد ذهبت عدة مرات الى كلا البلدين ( لبنان – الأردن ) وفي مناسبات عديدة ومنها مناسبة افتتاح الجمعية الكردية في الأردن .



حقا أنها لذكريات جميلة ، ولكن خطر ببالي الآن سؤال عن آلتك المعروفة ( آلة الجمبش ) من أين لك و ما اصلها ؟ كونك كنت تعيش مع –آلة الطنبور- في بيت واحد ؟.

آلة الجمبش حسب معلوماتي المتواضعة هي آلة يستخدمها الأتراك و اليونان وفي اليونان يسمونها ( بانجو )
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال كيف تعرفت عليها ومن أين لي فهذه لها حكاية ، عندما كنا صغارا نذهب إلى الأعراس التي كانت تقيم امام دار العريس او في ساحة قريبة من بيته . ذات مرة حضرت حفلة كان يحييها الفنان الكبير آرام ، فأعجبت به وبالآلة التي يعزف عليها ، واصبح هذا الإعجاب إلى حب شديد ، أمنيتي هو العزف عليها ، ولم اعد قادرا على الابتعاد عنها ومازلت متيم بها وسأظل كذلك للابد مع العلم والدي من العازفين المعرفين على آلة الطنبورة ؟.

أكثر من خمس وثلاثون عاما اعتمدت على آلة الجمبش و على صوتك الجبلي المميز, فهل اعتمدت على ذاتك في الشعر أيضاً؟.


لقد غنيت الفلكلور وغنيت لكبار الشعراء مثل جكر خوين ( سوركل زي باغي) ،تيريز(آذار)هذه الاغنية التي عرفتني بالناس وزادت من شهرتي بين الاكراد في أصقاع العالم، يوسف برازي(بخجي مه ده سوركل هبو) ،كما اعتمدت على الجيل الحالي من الشعراء
عبد الرحمن آلوجي وماهين شيخاني ،ولي ايضا نصيب في ذلك .



في الفترة الاخيرة ذهبت الى كردستان العراق بدعوة خاصة من الحزب الديمقراطي الكردستاني . هل لك ان تحدثنا عن هذه الزيارة التي يتمناها كل كردي ؟.



في عام 1996 ذهبت الى كردستان بدعوة خاصة لمشاركة اخوتنا هناك ، فرحتهم وتلك المناسبة العظيمة مناسبة اليوبيل الذهبي للحزب . حيث سجلت للإذاعة و التلفزيون( دهوك)
أغنيتين ( بزي ديمقراطي ) و(كوليكا ميركا جيهاني) ، كما سجلت أغنية آذار مع الفرقة الموسيقية ومدبلجة ، ايضا في دهوك .
و شاركت الفنان الكبيرشفان برور والفنان المعروف سعيد يوسف حفلتين فنيتين في (صلاح الدين ) و( دهوك ).
كما سنحت لي هذه الفرصة الثمينة لمقابلة العديد من الشخصيات الفنية والسياسية و الاجتماعية و الجماهير الكريمة .



كلمة أخيرة تحب أن تضيفها على هذا اللقاء الممتع مع ذكريات فنان كبير ؟



أشكركم جزيل الشكر لأتاحتكم لنا هذه الفرصة وتمنياتي لكم وللشعب الكردي مزيد من التقدم والنجاح و كل الموفقية وكل الحب

25‏/02‏/2010

من الدرباسية( 1/ 12) -الرفش الألماني وخزائن شِركِ





خالد عيسى


--------------------------------------------------------------------------------


نتيجة لرسم الحدود السورية-التركية، انقسمت العشائر والعائلات الكردية وممتلكاتها على طرفي الحدود. فكانت قريتا خَرابلمِ وشِركِ تابعتين للسلطات الإدارية لولاية ماردين العثمانية. وبعد رسم الحدود، أصبحت القرية الأولى ضمن حدود الدولة التركية (سه ر خه ت)، بينما أصبحت الثانية ضمن حدود الدولة السورية (بن خه ت).

وهكذا بقي محمد أمين شيخو و بعضاً من أقربائه في قرى شِركِ و دَليكِ ومَلَك، وقرى أخرى حوالي الدرباسية، وأصبحوا من رعايا الدولة السورية في البداية، وتم تجريدهم من حق المواطنة فيما بعد. بقي أغلب أقربائه من قبيلة السينكان الكردية في خَرابلمِِِ، وفي عموم مناطق باراڤا، ولا تعترف بهم السلطات التركية إلا كأتراك تابعين. تبعد قرية خَرابلمِِ حوالي ثلاثين كيلو مترا عن الحدود مع سورية.
-1-
رغم الحدود المحروسة عسكرياً، ورغم حقل الألغام الفاصل بين المنطقتين الكرديتين في تركية و سورية، كان يحاول الأقرباء و الأحبة التواصل، وتبادل الزيارات بموافقة السلطات أو بدونها. و كان يقامر بعضهم بروحه لكسب العيش عن طريق المتاجرة على طرفي الحدود.

يحكى أن أحد أقرباء محمد أمين شيخو جاء من قرية خَرابلمِ لزيارتهم في شِركِ و دَليكِ ومَلَك، و أثناء هده الزيارة اقترحت زهرة، خالة محمد أمين على قريبها الزائر أن يتاجر عبر الحدود (تهريب) بالرفوش الألمانية، و أنها هي التي ستتكفل بتسويقها. بينما اقترح محمد أمين على قريبه الاتجار بالتبغ الخرسي ذات الصيت والسمعة.

يبدو أن الرفوش الألمانية كانت قد تركت سمعة حسنة لدى أهالي هذه المنطقة منذ أن كان العمال يستخدمونها في إنشاء الخطوط الحديدية, التي أصبحت فيما بعد الحدود الدولية الرسمية, هذه الحدود التي فصلت بين الأقرباء في شِركِ و دَليكِ ومَلَك من جهة، و في خَرابلمِ من جهة أخرى.

بعد أن عاد الزائر إلى أهله في خَرابلمِ ، أعد حملة من الرفوش الألمانية، و حمّلها على ظهر حماره ، واتجه به إلى مَلَك، محاولاً الجمع بين الزيارة و التجارة في هذه المرة.
بعد عناء و خوف شديدين، تمكن القريب(الزائر-التاجر-المهرب) من اختراق حقل الألغام ليلاً، ووصل إلى قرية مَلَك، وحلّ ضيفاً في بيت زهره, خالة محمد أمين.
كانت فرحة الخالة مضاعفة في هذه المرة، لأن قريبها قد سمع نصيحتها, و خاصة وأنه أهداها في هذه الزيارة رفشاً ألمانياً من حمولته. بينما في المرة السابقة، لم يكن معه من الهدايا سوى قليل من الدخان و الباستيق و البَنّي والقضامة المحمًصة.

في حين كان محمد أمين ينتظر بشوق وصول حمولة من التبغ الخرسي. و كان قد وعد بعض مقربيه بما كانت تتوق إليه نفسه, فقد خاب أمله. لكن أصرً عليه القريب مشاركته في التبغ الذي كان قد جلبه لنفسه.

بعد عدة أيام، بدأ الخوف يخّيم على الجميع، فكلما مرت سيارة في القرية، ظنوا أن الحكومة قد سمعت بصفقة الرفشات الألمانية، وأن الخالة زهرة تحوي في دارها مهرباً غريباً. وكانت مواضيع السهرات تدور حول المصير الذي يمكن أن يلقاه من يأوي الأجانب (المهربين) القادمين من سه ر خَتِ (تركية)، وأصبحت الحالة لا تطاق من القلق والهلع.

أمّا على الصعيد التجاري، فسرعان ما خاب أمل القريب الزائر، إذ تبين بأن الرفش الوحيد الذي نقص عن حمولة حماره، كان الرفش الذي أهداه إلى الخالة زهره. فجيران الخالة كانوا يعرفون بأن الخالة ستعيرهم رفشها الألماني عند اللزوم، و لا داعي لشرائه. فهم القريب بأن زيارته تحققت و سعادة الخالة كانت كبيرة، لكن التجارة أخفقت. ولم تكن خيبة محمد أمين أقلَ من خيبة قريبه, وأصبح يعاتب خالته على نصيحتها التي أدت إلى الخسارة والكآبة.

بعد عدة أيام من التأفف و الندم وكثرة التدخين، والمعاتبات والملاسنات المتبادلة بين محمد أمين وخالته، استعد القريب للعودة مع حماره و رفوشه إلى خَرابلمِ عبر الحدود، استودع الجميع، و قبل عيون الصغار و أيادي الكبار في شِركِ و دَليكِ ومَلَك.

لم يتمكن القريب من شراء بضاعة جديدة, كما كان يحلم، أو جلب الهدايا الكثيرة لأولاده في خَرابلمِِ, كما كان يأمل. فلم يكن حمل الحمار قد خف إلا بمقدار رفش واحد، وكان هذا الرفش قد أُعطى كهدية، ، ولم يكن لدى القريب ما يشتري به السلع و الهدايا. ولم يكن باستطاعة الحمار حمل أكثر من حمله. ومع ذلك تعهد القريب بنقل الحمولات من التحيات والقبلات إلى الجميع في بلاد سه ر ختِ (فوق الخط).

كان القريب حزيناً على مفارقته للأهل ، لكن كان حزنه أكبراً على فشله في تجارة الرفوش, وكان يدور في رأسه ألف فكرة وفكرة حول كيفية تصريف هذه الرفوش في حال عودته إلى خَرابلمِِ بسلامة.


شد الرحيل في ليلة قاتمة السواد. و نحو حقل الألغام، إلى ما وراء سكة القطار، انطلق القريب الكئيب مع حماره المثقل بالرفوش والدعاءات و السلامات.

وقبل أن يفارقه محمد أمين على أطراف القرية، نصحه مرة أخرى، بأن يجلب معه في المرة القادمة حملاً من دخان الخرس الذي يفضله أغلب المدخنين، وكرر له بأنه هو الذي سيتكفل بتسويقه.

انقطعت عن أهالي بنخه تِ أخبار القريب وتجارته. وعندما زرت خرابلِم عام 1970، لم أكن قد سمعت بعد بهذه القصة، ولذلك فاتت عليّ فرصة السؤال عن مصير تاجر الرفوش الألمانية.

أمّا محمد أمين، فقد استمر في تدخين التبغ الخرسي خلسة من أعين القولﮁية (شرطة إدارة حصر التبغ) ومخبريهم. ومن أجل الحصول على هذا النوع من التبغ، بقي يعتمد على صداقته مع تاجر(مهرب) التبغ حج خلف لالاني وغيره من أصحاب الثقة.

وعلى خلفية الاختلاف في وجهات النظر, وخاصة فيما يتعلق بالتخطيط و الإدارة والتسويق في صفقة الرفوش الألمانية، أشتد الخلاف بين محمد أمين شيخو وخالته زهرة، إلى درجة القطيعة. ولولا خزينة شِركِ لما عادت الأمور إلى مجاريها بسهولة.

فبينما كان محمد أمين شيخو ممتداً على الحصيرة، في منزله في دَليكِ، وكان قد زال من الليل قرابة نصفه، دخل عليه المطبب الشعبي الصوفي إبراهيم, وفاتحه بكل سرّية موضوع خزينة شِركِ، وكيفية اقتنائها.

وفي الحلقة القادمة سنبحث شراكة المرحوم محمد أمين شيخو مع صاحبه صوفي ابراهيم، وسنوضح دور الرفش الألماني في صفقة خزينة شِركِ.